فصل: 1963 - مَسْأَلَةٌ: وَلاَ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الطَّلاَقِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


1962 - مَسْأَلَةٌ‏:‏ فِي الأَلْفَاظِ الَّتِي جَاءَتْ فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ الْحَقِي بِأَهْلِك وَاعْتَدِّي، وَأَلْبَتَّةَ، وَالْبَائِنُ فأما الْحَقِي بِأَهْلِك فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ثنا الْحُمَيْدِيُّ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ‏:‏ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْكَ قَالَ لَهَا‏:‏ لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ حُجَّةٌ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّ ‏"‏ الْحَقِي بِأَهْلِك ‏"‏ لَفْظٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ‏:‏ لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدَ عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُوتِيَ بِالْجُونِيَّةِ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ فِي نَخْلٍ وَمَعَهَا دَابَّتُهَا فَدَخَلَ عليه الصلاة والسلام عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا‏:‏ هَبِي لِي نَفْسَكِ قَالَتْ‏:‏ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِسُوقَةٍ فَأَهْوَى لِيَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ‏:‏ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ‏:‏ قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ‏:‏ يَا أَبَا أُسَيْدَ اُكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ هُوَ سَعِيدٌ نَا مُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو غَسَّانَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ ذُكِرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدَ أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا‏:‏ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أَجَمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَلَّمَهَا قَالَتْ‏:‏ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْكَ قَالَ‏:‏ قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي، فَقَالُوا لَهَا‏:‏ أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ‏:‏ لاَ، قَالُوا‏:‏ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَكِ لِيَخْطُبكِ قَالَتْ‏:‏ أَنَا كُنْتُ أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ‏.‏ فَهَذِهِ كُلُّهَا أَخْبَارٌ عَنْ قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ، فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، فَلاَحَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِيَخْطُبَهَا‏.‏ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام‏:‏ الْحَقِي بِأَهْلِك‏.‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا فَلَيْسَ فِيهِ‏:‏ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام ذَكَرَ أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا بِقَوْلِهِ الْحَقِي بِأَهْلِك، وَلاَ تَحِلُّ النِّكَاحَاتُ الصِّحَاحُ إِلاَّ بِيَقِينٍ‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَ تَخَلُّفِهِ عَنْ تَبُوكَ، فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَعْتَزِلَ امْرَأَتَهُ قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ لِرَسُولِهِ‏:‏ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ‏:‏ لاَ، بَلْ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبْهَا قَالَ كَعْبٌ فَقُلْت لأَمْرَأَتِي‏:‏ الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي فِيهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ‏.‏ فَهَذَا كَعْبٌ لَمْ يَرَ ‏"‏ الْحَقِي بِأَهْلِك ‏"‏ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلاَقِ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا‏:‏ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ شَيْءٌ‏.‏ وَجَاءَتْ عَنْ التَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ‏:‏

رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ‏:‏ أَنَّ مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ الْحَقِي بِأَهْلِك، فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ‏:‏ إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَرُوِّينَاهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَيْضًا‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ‏:‏ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فَقَطْ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ‏:‏ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وقال أبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ‏:‏ إنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلاَ بُدَّ، وَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلاَقًا فَلَيْسَ طَلاَقًا‏.‏ قَالَ زُفَرُ‏:‏ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ‏.‏

وَأَمَّا الْبَائِنُ فَفِيهِ الْخَبَرُ الثَّابِتُ‏:‏ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ‏:‏ وَكَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا طَلاَقًا بَائِنًا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ، لأََنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَفْظِهَا، إنَّمَا هُوَ مِنْ لَفْظٍ مِنْ دُونِهَا، وَلَيْسَ فِيهِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فَجَعَلَهَا طَلاَقًا، وَلاَ حُجَّةَ فِيمَنْ دُونَهُ عليه الصلاة والسلام‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ بَابِ طَلاَقِ الثَّلاَثِ ‏"‏ مَجْمُوعَةً كَيْفَ أَنَّ طَلاَقَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْ السَّلَفِ مِنْ ذَلِكَ‏:‏ فَصَحَّ عَنْ عَلِيٍّ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ حَدَّثَنِي أَبُو الْبُحْتُرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلاَنِ الْبَائِنَةَ بِمَنْزِلِ الثَّلاَثِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ‏.‏

وَرُوِّينَا غَيْرَ هَذَا‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنْ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَدِينُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ‏:‏ فَإِنْ نَوَى بِهَا ثَلاَثًا قَالَ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسٍ، هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لاَ يَنْوِي وَسَوَاءٌ نَوَى ثَلاَثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً

وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، إِلاَّ أَنَّهُمَا قَالاَ‏:‏ إنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا‏.‏ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ فِي الْبَائِنَةِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ رَابِعٌ لَهُ نِيَّتُهُ، فَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ؛ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا فَلَيْسَ طَلاَقًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ‏.‏ وَقَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ‏.‏ وَقَوْلٌ سَادِسٌ إنَّهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مَا نَوَى مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَلاَ نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ قَبْلَهُ‏.‏ وَقَوْلٌ سَابِعٌ أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي غَضَبٍ أَوْ فِي غَيْرِ غَضَبٍ، مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ فَإِنَّهُ يَنْوِي، فَإِنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا، فَلَيْسَ طَلاَقًا، وَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت طَلاَقًا بِلاَ عَدَدٍ، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت وَاحِدَةً بَائِنَةً، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت اثْنَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ أَوْ بَائِنَتَيْنِ فَهِيَ فِي كُلِّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلاَ بُدَّ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ فَكَذَلِكَ سَوَاءً سَوَاءً، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَامِنٌ

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءً سَوَاءً، فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ ذِكْرِ طَلاَقٍ وَغَيْرِ ذِكْرِهِ، وَلاَ بَيْنَ غَضَبٍ وَغَيْرِهِ‏.‏ وَقَوْلٌ تَاسِعٌ

وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ بَائِنَتَانِ، وَلاَ بُدَّ‏.‏

وَأَمَّا الْبَاتُّ، وَأَلْبَتَّةَ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ثنا أَبُو بَكْرٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَهْمِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَحَدَّثَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلاَقًا بَاتًّا وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ‏:‏ كُنْت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي أَلْبَتَّةَ وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْ فَقَالَ‏:‏ وَاَللَّهِ مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا‏:‏ لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاَقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام‏:‏ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لاَ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي أَلْبَتَّةَ وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا حَرْفًا حَرْفًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا أَبُو ثَوْرٍ إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ عَنْ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَقَالَ‏:‏ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ عليه الصلاة والسلام‏:‏ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ وَاحِدَةً فَقَالَ رُكَانَةُ‏:‏ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الْهَاشِمِيُّ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ مَا أَرَدْتَ قَالَ‏:‏ وَاحِدَةً، قَالَ‏:‏ آللَّهِ، قَالَ‏:‏ آللَّهِ قَالَ عليه الصلاة والسلام‏:‏ هُوَ عَلَى مَا أَرَدْتَ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ دُونَهُ عليه الصلاة والسلام فَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي أَلْبَتَّةَ‏:‏ هِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي أَلْبَتَّةَ‏:‏ هِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ مَنْ بَتَّ امْرَأَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ‏:‏ وَقَالَ الْخُلَفَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مُنْقَطِعًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَبِيعَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَالْحَسَنِ‏.‏ وَلاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَانٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ‏:‏ أَلْبَتَّةَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ حَنْطَبٍ جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ‏:‏ إنِّي قُلْت لأَمْرَأَتِي‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَتَلاَ عُمَرُ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ثُمَّ تَلاَ‏:‏ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ الْوَاحِدَةُ تَبُتُّ ارْجِعْ إلَى أَهْلِك وَصَحَّ هَذَا عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، إِلاَّ أَنَّ أَبَا سُلَيْمَانَ قَالَ‏:‏ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلاَقًا فَلَيْسَ طَلاَقًا، فَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَنْوِي فَيَكُونُ مَا نَوَى صَحَّ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ‏.‏ وَقَوْلٌ رَابِعٌ صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏:‏ أَنَّ ‏"‏ أَلْبَتَّةَ ‏"‏ إنْ نَوَاهَا طَلْقَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَاهَا ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ‏.‏ وَقَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ لِمَدْخُولٍ بِهَا، فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَإِنْ قَالَهَا لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى‏:‏ إنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَانِ، وَإِنْ ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ ثَلاَثٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ قَبْلَهُ نَعْنِي هَذَا الْفَرْقَ‏.‏ وَقَوْلٌ سَادِسٌ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، فَإِنْ قَالَ‏:‏ أَنْوِي طَلاَقًا لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ طَلاَقٍ فَكَذَلِكَ سَوَاءً سَوَاءً، إِلاَّ أَنَّهُ إنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا فَصُدِّقَ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِلاَّ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ فَإِنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ بَائِنَتَانِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَقَدْ قلنا وَنَقُولُ‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ سِيَّمَا فِي أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ لاَ برهان عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏

فأما الَّتِي مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ فَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ طَلاَقُ زَوْجِهَا لَهَا كَانَ ثَلاَثًا هَكَذَا، أَوْ آخِرَ ثَلاَثٍ، فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِي خَبَرِهَا أَلْبَتَّةَ، أَوْ بَتَّ طَلاَقَهَا، أَوْ بَائِنًا أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ آخِرَ ثَلاَثِ طَلْقَاتٍ فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهَا‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا‏:‏ لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏:‏ إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ وَذَكَرَتْ الْخَبَرَ فَفَسَّرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَا أَجْمَلَهُ غَيْرُهُ وَصَحَّ أَنَّ طَلاَقَهُ لَهَا كَانَ آخِرَ ثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي خَبَرِ رُكَانَةَ فَوَجَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُجَيْرٍ وَكِلاَهُمَا مَجْهُولٌ وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ مُبَادِرِينَ إلَيْهِ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ فَوَجَدْنَاهُ ضَعِيفًا، وَالزُّبَيْرُ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِكُلِّ أَثَرٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلاَ يَحِلُّ تَحْرِيمُ فَرْجٍ عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، وَإِبَاحَتُهُ لِمَنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، لاَ سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ لاَ يُعْرَفُ أَحَدٌ قَالَ بِهِمَا قَبْلَهُمَا‏.‏

وَأَمَّا اعْتَدِّي فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ لاَ يُبَالِي بِنَصْرِ ضَلاَلَةٍ بِأَنْ يُورِدَ الْكَذِبَ الْمُفْتَرَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ادَّعَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَوْدَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏:‏ اعْتَدِّي، فَكَانَ طَلاَقًا ثُمَّ رَاجَعَهَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مَا صَحَّ قَطُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ إِلاَّ حَفْصَةَ فَقَطْ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَأَمَّا سَوْدَةُ فَلاَ إنَّمَا جَاءَ فِيهَا‏:‏ أَنَّهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لَمَّا أَسَنَّتْ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها‏.‏ وَجَاءَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَرَادَ فِرَاقَهَا فَلَمَّا رَغِبَتْ إلَيْهِ عليه الصلاة والسلام فِي إمْسَاكِهَا وَتَجْعَلُ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ لَمْ يُفَارِقْهَا‏.‏ فَبَقِيَ مَنْ دُونَهُ عليه الصلاة والسلام‏:‏ فَذُكِرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا طَلْقَةٌ‏.‏ وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَمَكْحُولٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ‏:‏ أَنَّهُ طَلاَقٌ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ كَرَّرَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَهِيَ ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ، إِلاَّ أَنْ يَقُولَ‏:‏ أَرَدْت إفْهَامَهَا، فَهُوَ كَمَا قَالَ

وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ، نَوَى ثَلاَثًا أَوْ أَقَلَّ وَعَنْ الْحَسَنِ إنْ قَالَ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي فَهِيَ اثْنَتَانِ، إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ وَاحِدَةً وَكَانَ قَتَادَةُ يَجْعَلُهَا اثْنَتَيْنِ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ‏:‏ اعْتَدِّي، طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ غَضَبٍ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ طَلاَقٌ صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ أَوْ فِي غَضَبٍ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، سَوَاءٌ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت بِلاَ عَدَدٍ، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت بَائِنَةً، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت طَلْقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ، أَوْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت ثَلاَثًا‏.‏ قَالُوا‏:‏ فَإِنْ قَالَ لَهَا‏:‏ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي فَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت طَلْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت بِالْأُولَى طَلاَقًا، وَنَوَيْت بِالأَثْنَتَيْنِ الْحَيْضَ صُدِّقَ قَالُوا فَإِنْ قَالَ‏:‏ اعْتَدِّي ثَلاَثًا، سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ، فَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت وَاحِدَةً تَعْتَدُّ لَهَا ثَلاَثَ حِيَضٍ صُدِّقَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذِهِ شَرَائِعُ لاَ تُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَأَمَّا مَنْ دُونَهُ فَهِيَ ضَلاَلاَتٌ وَوَسَاوِسُ وَتَلاَعُبٌ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ التَّقَاسِيمَ الْفَاسِدَةَ لَمْ تُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ سَلَفَ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ‏.‏

وقال مالك‏:‏ إنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ اعْتَدِّي فَإِنَّهُ يَنْوِي فَإِنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى طَلاَقًا بِغَيْرِ عَدَدٍ، فَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ نَوَيْت ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ وَهَذَا أَيْضًا تَقْسِيمٌ لاَ يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، فَإِذْ لَيْسَ فِي هَذَا أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يَحِلُّ إبْطَالُ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَحْرِيمُ فَرْجٍ وَإِحْلاَلُهُ بِآرَاءٍ فَاسِدَةٍ بِغَيْرِ نَصٍّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَأَمَّا الأَلْفَاظُ الَّتِي فِيهَا آثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، لاَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ‏:‏ الْخَلِيَّةُ، وَقَدْ خَلَوْت مِنِّي، وَالْبَرِيَّةُ وَقَدْ بَارَأْتُك، وَأَنْتِ مُبْرَأَةٌ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، وَالْحَرَجُ، وَالتَّخَيُّرُ، وَالتَّمْلِيكُ، وَقَدْ وَهَبْتُك‏:‏

فأما التَّحْرِيمُ وَالتَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ وَقَدْ وَهَبْتُك، فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَنَذْكُرُ الْبَوَاقِيَ هَاهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ فَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الْخَلِيَّةُ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ‏:‏ إنَّهَا ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ‏:‏ إنَّهَا ثَلاَثٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي عُبَيْدٍ‏.‏

وَقَوْلٌ ثَانٍ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالاَ جَمِيعًا فِي الْخَلِيَّةِ، وَخَلَوْت عَنِّي‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا، وَعَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ إنْ خَرَجْت فَأَنْتِ خَلِيَّةٌ، فَخَرَجَتْ‏:‏ فَفَرَّقَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا تَفْرِيقٌ فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ طَلاَقٌ‏.‏ وَقَوْلٌ رَابِعٌ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ، قَالَ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ خَامِسٌ صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ‏:‏ الْخَلِيَّةُ إنْ نَوَى وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ‏:‏ إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يَدِينُ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ خَلَوْت مِنِّي سَوَاءٌ، هِيَ سُنَّةٌ، لاَ يَدِينُ، وَهِيَ طَلاَقٌ وَصَحَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ‏:‏ إنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ وَيَدِينُ نَوَى طَلاَقًا أَوْ لَمْ يَنْوِ‏.‏ وَعَنْ مَرْوَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏:‏ أَنَّهُ يَنْوِي وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ‏.‏ وَقَوْلٌ سَادِسٌ رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ فِي الْخَلِيَّةِ أَنَّهَا ثَلاَثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ سَابِعٌ قَالَهُ مَالِكٌ، وَهُوَ أَنَّ الْخَلِيَّةَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ نَوَى ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَامِنٌ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏:‏ إنْ نَوَى بِالْخَلِيَّةِ ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فَقَطْ‏.‏ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ‏:‏ فَإِنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا، فَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ طَلاَقٍ صُدِّقَ سَوَاءٌ كَانَ فِي غَيْرِ غَضَبٍ أَوْ فِي غَضَبٍ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ إنَّ مِنْ الشُّنْعِ تَفْرِيقَهُ بَيْنَ الْغَضَبِ وَغَيْرِ الْغَضَبِ، وَتَسْوِيَتِهِ مَرَّةً بَيْنَهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ لاَ يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏

وَقَدْ قلنا‏:‏ إنَّ تَحْرِيمَ الْفُرُوجِ الْمُحَلَّلَةِ وَتَحْلِيلَ الْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ‏:‏ لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ بِغَيْرِ نَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وَأَمَّا الْبَرِيَّةُ، وَأَنْتِ مُبْرَأَةٌ مِنِّي، وَقَدْ بَارَأْتُك، وَقَدْ بَرِئْت مِنِّي‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ هِيَ ثَلاَثُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏:‏، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ هِيَ ثَلاَثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ‏:‏ الْبَرِيَّةُ ثَلاَثٌ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ‏:‏ أَنَّ الْبَرِيَّةَ ثَلاَثٌ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا فَفَرَّقَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ بَيْنَ الْخَلِيَّةِ وَبَيْنَ الْبَرِيَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَانٍ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّ الْبَرِيَّةَ وَاحِدَةٌ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا، وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ صَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ رَابِعٌ كَمَا رُوِّينَا صَحِيحًا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ إنْ نَوَى ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَيْضًا وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَالشَّافِعِيِّ‏.‏ وَقَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ رَبِيعَةُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ‏.‏ وَقَوْلٌ سَادِسٌ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْبَرِيَّةِ‏:‏ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ فَيَكُونَ مَا نَوَى‏.‏ وَقَوْلٌ سَابِعٌ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ إِلاَّ زُفَرُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏:‏ إنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، أَوْ بَائِنَةً، أَوْ اثْنَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ، أَوْ بَائِنَتَيْنِ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لاَ أَكْثَرَ‏.‏ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ‏:‏ وَأَصْحَابُهُ‏:‏ إنْ قَالَ‏:‏ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا، فَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ طَلاَقٍ لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ طَلاَقٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ غَضَبٍ أَوْ فِي غَيْرِ ذِكْرِ غَضَبٍ‏.‏ وَقَالَ زُفَرُ كَذَلِكَ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ بَائِنَتَانِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ نَعْلَمُ قَوْلَ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ ‏"‏ الْبَرِيَّةُ، وَقَدْ بَارَأْتُك، وَأَنْتِ مُبْرَأَةٌ ‏"‏ إِلاَّ رِوَايَةً، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ صَاحِبِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ‏:‏ مَنْ قَالَ‏:‏ قَدْ بَارَأْتُك، فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ يَحِلُّ تَحْرِيمُ فَرْجٍ مُحَلَّلٍ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَحْلِيلُ فَرْجٍ مُحَرَّمٍ بِحُكْمِهِ تَعَالَى بِغَيْرِ نَصٍّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَأَمَّا الْحَرَجُ فَصَحَّ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إذَا قَالَ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ طَلاَقَ الْحَرَجِ فَهِيَ ثَلاَثٌ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الزُّهْرِيِّ‏.‏ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏:‏ لَهُ نِيَّتُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ قَدْ قلنا‏:‏ إنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وَأَمَّا حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَرُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ‏:‏ أَنْ يُجْلَبَ إلَى مَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ الْعِرَاقِ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، فَأَحْلَفَهُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ‏:‏ مَاذَا أَرَادَ فَقَالَ‏:‏ أَرَدْت الْفِرَاقَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ فَهُوَ مَا أَرَدْت فَجَمَعَ هَذَا الْحُكْمَ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ‏:‏ أَحَدُهَا التَّحْلِيفُ‏.‏

وَالثَّانِي الأَسْتِجْلاَبُ فِيهِ مِنْ الْعِرَاقِ إلَى مَكَّةَ‏.‏ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى‏.‏ وَقَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ مَالِكٌ‏:‏ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلاَثٌ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ، وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏

وَأَمَّا الأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ تَأْتِ مِنْهَا لَفْظَةٌ عَنْ صَاحِبٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهَا أَقْوَالٌ عَنْ نَفَرٍ مِنْ التَّابِعِينَ، فَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِذِكْرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ فَمِنْهَا قَدْ أَعْتَقْتُك، فَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ‏:‏ إنْ نَوَى الطَّلاَقَ فَهُوَ طَلاَقٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ شَيْئًا‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْتِ عَتِيقَةٌ، قَالَ‏:‏ هِيَ وَاحِدَةٌ‏.‏ وَقَالَ قَتَادَةُ‏:‏ مَنْ قَالَ لَهَا‏:‏ أَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ مَا نَوَى‏.‏

وَأَمَّا قَدْ أَذِنْت لَك فَتَزَوَّجِي فَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏ وَصَحَّ عَنْهُ أَيْضًا‏:‏ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلاَقًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَقَلُّ مِنْ هَذَا يَكُونُ طَلاَقًا‏.‏ وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ أَنَّهَا طَلْقَةٌ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ‏:‏ هِيَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ‏.‏

وَأَمَّا اُخْرُجِي عَنْ بَيْتِي مَا يُجْلِسُك، لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَنْ كَرَّرَهَا ثَلاَثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَيَنْوِي‏.‏

وَأَمَّا لاَ حَاجَةَ لِي فِيك فَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لَهُ نِيَّتُهُ‏.‏ وَعَنْ الْحَسَنِ‏:‏ إنْ نَوَى الطَّلاَقَ فَهِيَ طَلْقَةٌ، وَعَنْ مَكْحُولٍ‏:‏ لَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ‏:‏ سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَمَّنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ اذْهَبِي حَيْثُ شِئْت، لاَ حَاجَةَ لِي فِيك فَقَالاَ جَمِيعًا‏:‏ إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ‏.‏

وَأَمَّا اسْتَبْرِئِي، وَاخْرُجِي، وَاذْهَبِي فَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ فِي جَمِيعِهَا‏:‏ إنْ نَوَى الطَّلاَقَ فَهِيَ طَلْقَةٌ وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ اذْهَبِي، فَلاَ حَاجَةَ لِي فِيك‏:‏ أَنَّهَا ثَلاَثٌ‏.‏

وَأَمَّا قَدْ خَلَّيْت سَبِيلَك، لاَ سَبِيلَ عَلَيْك فَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا‏:‏ هِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَصَحَّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ‏:‏ لَهُ نِيَّتُهُ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ فِي لاَ سَبِيلَ لِي عَلَيْك‏:‏ إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ رُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ‏:‏ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ فَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَا أَرَاهُ إنْ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلاَثًا أَرَادَ إِلاَّ الطَّلاَقَ وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ وَتَوَقَّفَ فِيهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ‏.‏

وَأَمَّا أَفْلِجِي؛ فَرُوِّينَا عَنْ طَاوُوس‏:‏ إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ‏.‏

وَأَمَّا شَأْنُكُمْ بِهَا فَرُوِّينَا عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ رَأَى النَّاسُ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَعَنْ مَسْرُوقٍ، وطَاوُوس، وَإِبْرَاهِيمَ‏:‏ مَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلاَقُ فَهُوَ طَلاَقٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ الْوَرَعُ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا‏.‏

قلنا‏:‏ إنَّمَا أَوْرَعُ لِكُلِّ مُفْتٍ فِي الأَرْضِ أَنْ لاَ يَحْتَاطَ لِغَيْرِهِ بِمَا يُهْلِكُ بِهِ نَفْسَهُ، وَأَنْ لاَ يَسْتَحِلَّ تَحْرِيمَ فَرْجِ امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا وَإِبَاحَتَهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ‏}‏‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى الْفِدَاءَ طَلاَقًا حَتَّى يُطَلِّقَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ذَكَرَ الطَّلاَقَ مِنْ قَبْلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفِدَاءَ فَلَمْ يَجْعَلْهُ طَلاَقًا، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ‏.‏ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْهُ‏:‏ لاَ يَرَى طَلاَقًا إِلاَّ بِلَفْظِ الطَّلاَقِ، أَوْ مَا سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَلاَقًا وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا‏.‏ قَدْ ذَكَرْنَا خِلاَفَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ لِكُلِّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَمَا قَالاَهُ مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمَا بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ أَصْلاً‏.‏

1963 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَلاَ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الطَّلاَقِ، لأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏ فَلاَ يَجُوزُ عَمَلُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ إِلاَّ حَيْثُ أَجَازَهُ الْقُرْآنُ، أَوْ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ يَجُوزُ كَلاَمُ أَحَدٍ عَنْ كَلاَمِ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ أَجَازَهُ الْقُرْآنُ أَوْ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْتِ فِي طَلاَقِ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ بِتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ؛ فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏ وَالْمُخَالِفُونَ لَنَا أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ الطَّلاَقَ كَلاَمٌ، وَالظِّهَارَ كَلاَمٌ، وَاللِّعَانَ كَلاَمٌ، وَالْإِيلاَءَ كَلاَمٌ‏.‏ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَاهِرَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ أَنْ يُلاَعِنَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ أَنْ يُولِيَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، لاَ بِوَكَالَةٍ، وَلاَ بِغَيْرِهَا، فَهَلاَّ قَاسُوا الطَّلاَقَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لاَ النُّصُوصُ يَتَّبِعُونَ، وَلاَ الْقِيَاسُ يُحْسِنُونَ‏.‏ وَكُلُّ مَكَان ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ ‏"‏ الطَّلاَقَ ‏"‏ فَإِنَّهُ خَاطَبَ بِهِ الأَزْوَاجَ لاَ غَيْرَهُمْ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ غَيْرُهُمْ عَنْهُمْ لاَ بِوَكَالَةٍ، وَلاَ بِغَيْرِهَا لأََنَّهُ كَانَ تَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ‏}‏ فَلاَ خِيَارَ لأََحَدٍ فِي خِلاَفِ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ وَمَا نَعْلَمُ إجَازَةَ التَّوْكِيلِ فِي ‏"‏ الطَّلاَقِ ‏"‏ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إِلاَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ‏.‏